علما الإجرام والعقاب

علما الإجرام والعقاب

يتناول هذا الكتاب في قسميه علم الإجرام، وعلم العقاب؛ ففيما يتصل بالقسم الخاص بعلم الإجرام خُصّص الباب الأول منه للاتجاهات العلمية في تفسير الظاهرة الإجرامية، وخُصّص الباب الثاني للعوامل الإجرامية الدافعة لارتكاب الجريمة، مع مبحث تمهيدي حول دراسات علم الإجرام وأبحاثه، وفي القسم المتصل بعلم العقاب اهتم الكتاب بدراسة موضوعين أساسيين: الجزاء الجنائي في بابه الأول، والمعاملة العقابية في بابه الثاني.
وتتجسد العلاقة بين علمي الإجرام والعقاب في أنّ كلاً منهما يكمّل الآخر، ويُعدّ وسيلة من وسائله؛ فتحقيق فاعلية علم العقاب في اختيار الوسائل الملائمة لتنفيذ العقوبة لا تتأتى إلا بمعرفة الأسباب التي دفعت الشخص إلى ارتكاب الجريمة، وبالوقوف على سمات شخصيته، وهذا هو مجال علم الإجرام. ومن ناحية أخرى فإنّ علم العقاب يمد علم الإجرام بالكثير من النماذج البشـرية؛ لإجـراء الأبحاث التي تسهم في التأكد من صحة افتراضاته.
فعلم الإجرام يهتم بتفسير الظاهرة الإجرامية استناداً على نظريات متنوعة تبحث عن هذا التفسير في الإنسان ذاته، أو في البيئة المحيطة به، كما يهتم هذا العلم بدراسة العوامل المؤثرة في ارتكاب الجريمة سواء أكانت نابعةً من داخل الفرد أم ناشئةً في بيئته الاجتماعية، أو الاقتصادية، أو السياسية، أو الجغرافية. ويسهم علم الإجرام أيضاً في الحد من انتشار الجريمة في المجتمع من خلال وضع الحلول لمعالجة مسبباتها؛ فبتصنيف علم الإجرام لطوائف المجرمين يمكننا تبني برامج محددة للتأهيل والإصلاح – أثناء خضوع المجرمين لتنفيذ العقوبة السالبة للحرية المحكوم بها عليهم – ومن هنا يأتي دور علم العقاب الذي يهتم بإيجاد أفضل الوسائل في معاملة المجرمين من أجل تحقيق أغراض الجزاء الجنائي في الإصلاح، والتأهيل، وإعادة دمج المحكوم عليه في المجتمع، وهو ما يسهم بدوره في الحد من العودة إلى ارتكاب الجريمة.